عبدالله بن سعيد الحوطي
عبدالله بن سعيد الحوطي




عبدالعزيز الكلثم
عبدالعزيز الكلثم
دعاء زهران
دعاء زهران
-A +A
أمل السعيد (الرياض)okaz- online@
بين التواري والاختباء، يقف العديد من الأشخاص داخل مواقع التواصل الاجتماعي بصور مستعارة، وأسماء لا تحمل دليلاً حقيقياً عن الشخصية الحقيقية لمن تراقب عيناه الشاشة، ومن تلمس يداه لوحة المفاتيح لكتابة ما يجول بخاطره والتعبير عن رأيه، من وراء ستار، في وقت رأى فيه أخصائيون نفسيون واجتماعيون في حديثهم لـ«عكاظ» أن تصرف هؤلاء الأشخاص يختلف كثيراً عن واقعهم، مشيرين إلى أنه يعد شكلاً من أشكال التنمر الإلكتروني.

وأرجع الأخصائيون اختباء عدد من الأشخاص وراء الأسماء المستعارة إلى رغبتهم في الحافظ على الذات، والتطفل الاجتماعي، ومحاولة التدخل في خصوصيات الآخرين، والهروب من الواقع، لافتين إلى أن عدداً منهم يلجأ إلى ذلك لتجنب أن يوسم بصفة معينة بناء على سلوكه في المجتمع.


وأوضح الأخصائي النفسي عبدالعزيز الكلثم لـ«عكاظ» أن نظرية الوسم الاجتماعي (Labeling theory) يمكن استخدامها لتفسير مثل هذا السلوك، على الرغم من أن نظرية الوسم انطلقت في أوسع مجالها لوصف السلوك الإجرامي. وأضاف: «من الممكن استخدام النظرية لتفسير هذا السلوك. ومن تعريفات النظرية أن الوسم هو رد فعل من المجتمع لوصف بعض السلوكيات على أنها غير مقبولة اجتماعياً».

وأشار الكلثم إلى أن إخفاء الهوية في وسائل التواصل لا يعد سلوكاً إجرامياً في حد ذاته، إلا أنه قد يكون مدفوعاً في محاولة من الفرد لتجنب أن يتم وسمه بصفة معينة بناء على سلوكه من قبل المجتمع، وزاد: «الذات الفردية من صنع المجتمع -كما وصفها عالم الاجتماع هيربرت ميد-، وقد يعاد بناؤها في مراحل حياته عبر التفاعل مع أفراد المجتمع، لذا قد يلجأ بعض أفراد المجتمع إلى التخفي خلف معرفات مستعارة بهدف الحفاظ على الذات وتجنب الوسم الاجتماعي من قبل مجتمعه الصغير أو المجتمع الكبير على مستوى الوطن، خصوصا إذا كانت لديه نزعة سلوكية تعتبر خارج إطار المقبول في مجتمعه، بغض النظر إن كان ذلك السلوك إيجابياً أم سلبياً».

وقال الكلثم قد لا يعتبر الوسم الاجتماعي هو الدافع الوحيد أو المفسر لمثل هذا السلوك، فعلى سبيل المثال مشكلة التطفل الاجتماعي ومحاولة التدخل في خصوصيات الآخرين قد يكونان دافعاً للتخفي، فيجعل بعض الأفراد من حولنا يرغبون أكثر في إخفاء هوياتهم في وسائل التواصل الاجتماعي. وذلك لمعرفتهم بالآثار السلبية لمثل هذا التطفل على خصوصياتهم وما فيه من تقييد لحرياتهم، وإن لم تكن سلوكياتهم منحرفة.

وأشار الكلثم إلى أن الاختفاء خلف اسم مستعار ليس مشكلة في حد ذاته، وليس شرطاً أن يكون هروباً من الواقع بقدر ما قد يكون دافعاً لتجنب الصدام مع المجتمع، وقد يتسبب التطرف في الوسم الاجتماعي لبعض الأفراد بمشكلات نفسية أو عاطفية أو عقلية؛ ولذا قد يكون التخفي عملية وقائية لهم وليس هروباً من واقع اجتماعي.

ومن جانبه، أوضح المستشار في إعداد القيادات وتنمية الذات عبدالله بن سعيد الحوطي أنه في غالب الأوقات يكون الدافع سلبياً للتخفي بأسماء مستعارة. وزاد: «لا مجال لحسن النية، فهي من صفات السارق الذي يتخفى قبل أن يقدم على السرقة، أو المجرم الذي يطمس ملامحه قبل أن ينفذ جريمته، أو المنافق الذي يظهر بأكثر من وجه للمجتمع ويقدم أساليب مختلفة متلوناً في تعاملاته مع الآخرين، وهي ليست بآخر الأسباب، فذات الشخص إذا تأكد أن لديه أكثر من حساب على مواقع التواصل الإلكترونية لا يستخدم بها اسمه الحقيقي ويتصرف بشكل مختلف بتلك الحسابات عن واقعه، فإن ذلك يعد مؤشراً خطيراً جداً لأنها من سمات (المتنمّر)، ولكنه يمارسه إلكترونياً تجاه الآخرين وهو أشد خطراً من المنتمّر التقليدي لأن في التصرف الأول فرصة لتحقيق مراده وتوجهاته السلبية تجاه الآخرين أو الضحية المستهدفة دون أن تنكشف شخصيته الحقيقية تجاهه». ومن جهتها، قالت الأخصائية النفسية دعاء زهران أن عدداً من المختبئين وراء الأسماء المستعارة في مواقع التواصل الاجتماعي يتخفى بأقنعة كاذبة لبث السموم والأفكار الهادمة والتجارب السلبية للمجتمع، فيكون عضواً هادماً لأخلاقيات متابعيه. وزادت: «الشخص الواثق من معلوماته ومعرفته يفخر بنقلها واستفادة الجميع مما لديه من خبرات، وكلما زاد تفاعل متابعيه ازداد شوقاً في زيادة نشر المعرفة».

وأشارت زهران إلى أن الشخصية السلبية المتخفية تلمس أثر ضررها على من حولها، تفتش عن أضرار مبتكرة جديدة لإفساد المجتمع وإظهاره بمظهر المنتصر. وأضافت: «يعد التخفي وراء الأسماء المستعارة دليلاً على ضعف في الشخصية».